ملخص المقال
كن إماما مقال بقلم نبيل جلهوم يوضح كيف يكون المسلم في جميع أحواله إماما وقدوة، فكيف يكون المسلم إماما في جميع أحواله؟
قال تعالى: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ} [الأنبياء: 73].
وجاء في المصباح المنير: "و(الإِمَامُ): الخليفة، و(الإِمَامُ): العالم المقتدَى به، و(الإِمَامُ): الذي يؤتم به في الصلاة".
ويقول تعالى: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} [الفرقان: 74]. قال ابن عباس والحسن والسُّدِّي وقتادة والربيع بن أنس: أئمة يُقتدى بنا في الخير. وقال غيرهم: هداة مهتدين، دعاة إلى الخير؛ فأحبوا أن تكون عبادتهم متصلة بعبادة أولادهم وذرياتهم، وأن يكون هداهم متعديًا إلى غيرهم بالنفع، وذلك أكثر ثوابًا، وأحسن مآبًا.
كن إمامًا في حالك مع الله:
بأن تجعل عهدك به: الله غايتي.. ولن يسبقني إلى الله أحد.. وأن تجعل المنحى الإيماني والتعبدي لله وبالله هو أصل حياتك مع الله.. وأن تؤمن بأنك ستبعث فردًا وستحاسب فردًا لن يكون معك أمًّا ولا أبًا ولا زوجًا ولا ولدًا ولا معلمًا ولا محبًّا, {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ} [عبس: 34-37]..
وأنك مطالَب بأن تكون عبدًا ربانيًّا رحمانيًّا, بالله تستعين، وإلى الله تلتجئ, وبه تتحصن, وعنه لا تستغني، وبحوله وقوته تسير وتسعى، ولمرضاته تنهض وتصبو, ولجنته ورضاه تتمنى وتتأمل وتعمل وتخلص, ولرؤيته والتمتع بالنظر إلى وجهه الكريم تسبح وتعلو، وترجو وتتأمل، وتجعلها غاية الغايات.
كن إمامًا في حالك مع النبي محمد r:
بأن تجعل عهدك به: الرسول قدوتي, به أسترشد، وأجعله لي القائد والمرشد, وبسنته أهتدي, ولطريقه أسلك وألتزم, وعلى سننه أواظب وأقتدي, وبأخلاقه أتجمل وأحتذي, ولآل بيته وزوجاته وعشيرته أتحبب، وبآثارهم أقتفي, ولصحابته من بعده كل المودة والحب والتقدير. على خُطاهم أسير، وبنجمهم أهتدي.
كن إمامًا في حبك للصلاة:
بأن أنهض إليها فورًا متى سمعت النداء ومهما تكن الظروف, لها أرتاح، وبها أصون نفسي وأرتقي, فنِعم صلاتي التي فيها كرامتي وعزتي، وبها أنال من الجليل كل كرم، وبها أصعد وأعتلي.
كن إمامًا في مجتمعك وفي أخلاقك:
بأن تنظر إلى سيد الخلق محمد؛ الذي أثنى ربه عليه في القرآن بقوله: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: 4]، ثناءً ومدحًا من ربٍّ عظيم لنبيٍّ عظيم ذي خلق عظيم.
فاللهَ الله في أخلاقك، زدها سموًّا ورفعةً وجمالاً وذوقًا، واخفض الصوت، وانشر البسمة، وكن بالجانب لينًا ومحببًا، وبالناس رءوفًا، وعليهم مترحمًا.
كن إمامًا عند خروجك من البيت:
بذكرك دعاء الخروج الوارد عن سيِّد الأمة r لتتحصن من الشيطان، وليُقال لك: هُديت وكُفيت وتنحَّى عنك الشيطان.. لا تؤذِ الناس في الطريق، وأعطِ الطريق حقه، وكن من الذين يمشون على الأرض هونًا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلامًا، وأمِطِ الأذى وألق السلام، وكن سمحًا إذا اشتريت، سمحًا إذا بعت، سمحًا إذا اقتضيت، ولا تنسَ أن تكون متوضئًا دائمًا قبل خروجك؛ سنةً عن نبيك وحبيبك.
كن إمامًا في وظيفتك:
لا تأكل من حرام، لا ترتشِ، لا تسرق، كن أمينًا، كن قدوة في مجال عملك، كن محبوبًا من زملائك، محترمًا لمدرائك، رحيمًا بهم وعليهم، ماهرًا في أداء تخصصك في مجال عملك ووظيفتك من باب "إن الله كتب الإحسان على كل شيء" ومن باب "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه"، ومن باب {وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} [التوبة: 105].
كن إمامًا في بيتك:
سمِّ الله عند دخولك، وعند طعامك وشرابك، وخلعك وارتدائك الملابس، ودخولك الخلاء والخروج منه، ونظرك في المرآة، وقُلِ المأثور عن نبيك في كل ذلك.
وكن مع الأهل كريمًا بأخلاقك وكرمك، فلا يسمعون منك إلا الخير، ولا يجدون منك إلا الخير، شاورهم وتحبَّب إليهم، فما خاب من استشار، وما ندم من استخار، عاملهم بالإحسان إحسانًا، وبالسيئات عفوًا وغفرانًا، لا تكن جبروتًا وكن لينًا هيِّنًا؛ فالرفق ما كان في شيء إلا زانه وما نُزع من شيء إلا شانه.
وكن لهم بالمعروف آمرًا، وعن المنكر ناهيًا، ولكل خير داعيًا ومربيًّا، مستشعرًا دومًا قول ربك: {قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [التحريم: 6].
كن إمامًا مع جيرانك:
لا تؤذهم، تحبَّب إليهم، تبشَّش في وجوههم، ألق السلام عليهم، خذ بنواصيهم إلى البر والتقوى ما استطعت لذلك سبيلاً، لا تتجسس عليهم، لا تنظر إلى قعر دارهم، لا تنس تعليمات نبيك الحبيب محمد: "والله لا يؤمن، من لا يأمن جاره بوائقه"؛ أي متاعبه ومشاكله.
كن إمامًا في تعاملك مع القرآن:
بأن تجعل عهدك به: القرآن دستوري ومنهج حياتي، واجعل لك منه وردًا كل يوم لا يقل عن جزء، واقرأ القرآن أو طالع أو استمع، ولا تترك جزءًا من وقتك دون فائدة.
كن إمامًا في تحصين بيتك:
بأن تقرأ سورة البقرة، أو تقوم بتشغيلها على شريط كاسيت، "فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا تستطيعها البطلة"؛ أي: السحرة. ونظفه من الصور والتماثيل، وما يغضب الرب الجليل.
كن إمامًا في حال صحتك وقوتك:
بأن تحمد الله كثيرًا وتشكره على أن منحك موفور الصحة والعافية ولم يسلبك إياها، وأن تنظر دائمًا إلى المرضى والمعوَّقين والمبتلين والمهمومين نظرةً تمنحك الرضا والقناعة والشكر، وأن الله لطيفٌ بك، فلا تستعمل قوتك وصحتك إلا في الطاعات، وفي أجمل ما يطلبه ربك منك من الأعمال الصالحات.
كن إمامًا في حال مرضك:
بأن تؤمن بأن الله ابتلاك لأنه يحبك، وأن أكثر الناس بلاءً هم الأنبياء والصالحون ثم الأمثل فالأمثل، وأن المرء يُبتلى على قدر دينه، وأنه سيأتي أهل العافية يوم القيامة عندما يرون المبتلين في نعيم مقيم وأجر عظيم؛ حتى ليتمنى أهل العافية وقتها أن لو كانت أجسادهم قد قرضت بالمقارض.
وأن تؤمن بأنه ما من بلاء إلا وجعل الله له الدواء، وأنك مطالب بالسعي نحو العلاج والتداوي عبادةً لله وتقربًا إليه؛ فالمؤمن القويُّ أحبُّ عند الله من المؤمن الضعيف وفي كلٍّ خير.
اللهم اجعلنا أئمةً في كل ميدان، واجعلنا للمتقين إمامًا.
روابط ذات صلة:
- الجمال الإنساني في حسن الخلق د. راغب السرجاني
- الجمال الإنساني في التبسم وطلاقة الوجه والكلمة الطيبة
- الجمال الإنساني في سلامة الصدر وحب الناس
- روائع أخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم
- معاملات الرسول صلى الله عليه وسلم
التعليقات
إرسال تعليقك